شئنا أم أبينا فإن إسقاط انتصارات المنتخب الوطني ومبارياته عموما، على الوضع السياسي والاجتماعي الحالي يبقى حتماً مقضيا.
فبعد كل مباراة، يطل السؤال المشروع فوق رؤوس أغلب المواطنين: لماذا لا ينتصر السياسيون – لصالح المواطن - كما فعل الركراكي؟
حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقاتٍ شتّى على انتصار المنتخب تصبّ في هذا الاتجاه، وتقرن المباراة بشكل أو بآخر بالأسعار الملتهبة التي تأبى أن تتراجع.
فلماذا ينجح الركراكي فيما تفشل فيه الحكومة؟ كيف يستطيع هذا الرجل وأسوده أن يسعد الملايين من المغاربة خلال ساعة ونصف؟ وهل يمكن أن يطبق المواطن مع الحكومة شعار "ديرو النية"؟ !
المشكلة أن الشعب يطبق فعلا هذا الشعار مع السياسيين، لكن دون جدوى، فالشعب بشكل عام يصدق الحكومة، وعندما يشعر بالحيرة أو بالضرر فإنه ينتظر التوضيحات أو الإجراءات من الحكومة.
إنه بشكل عام "كايدير النية" في كل حملة انتخابية، ويصوت على الناخبين على أمل أن هناك شيئا سيتغير، لكن دون جدوى، على عكس ما يحدث في كرة القدم.
يعامل الركراكي الجمهور كأصدقاء وإخوة أو حتى أبناء يريد إسعادهم فعلاً، بينما يقول يريد السياسيون "إعادة تربية" المواطن، أو يعتبرون كل حملة ضدهم دافعها سياسي.. إنهم بشكل عام يعتبرون المواطن "عدوّا" ما دام لا يطبّل لهم أو لا يصمت عن الوجع الذي لحقه.
خطة الركراكي تعتمد على البذل والتضحية والقتالية، بينما تعتمد خطة السياسي على الترف وتحقيق أكبر قدر من الاستفادة من المنصب.
الركراكي يرغب في ملء قلوب الجمهور بالبهجة والسعادة، بينما يرغب السياسي في ملء حسابه البنكي.
الركراكي، رغم كل ما حققه، يصر على أنه لم ينجز شيئا بعد، بينما ينسب السياسيون أي إنجاز لأنفسهم حتى لو لم يكن كذلك.
الركراكي يطلب النية، ويطبقها على نفسه. السياسي يطلب النية، شرط ألا يطبقها هو.
الركراكي لا يشعر بالدونية ويرى أنه قادر على منافسة أي منتخب، مع الحفاظ على الحد المطلوب من التواضع، بينما يتحدث السياسي عن "الدول المتقدمة" عندما يريد أن يبرر قانونا أقرّه أو خطوة قام بها.
الركراكي يربط الكرة بالأخلاق، بينما يربط السياسيون السياسة بـ"فن الممكن".. وشتان بين هذا وذاك !